في دنيا المسميات
في جولة مع عالم متخصص في النباتات أدهشتني قدرته الفائقة في تسمية النباتات التي كنا نمر بها، كان يذكر أسماءها باللاتينية من مقطعين وكان يتبعها ببعض المعلومات السريعة التي يتوقف عندها ليذكر اسم النبتة التالية التي مرّ بها. وفي جلساتي مع أشخاص متعددين أدهشني كذلك قدراتهم الفائقة في إطلاق المسميات. فلان بخيل وفلانة متكبرة وذاك النكد وتلك هاوية المشاكل. يدهشني كيف يلّخصون حياة إنسان بما فيها من نجاح وفشل، وما بها من تحديات وإخفاقات في مجرد كلمة واحدة. يدهشني كيف تطلَق الأحكام ويعلَن الصمت بعد الحكم تأييداً للحكم من كافة الأطراف المعنية وغير المعنية. يدهشني هذا فأصمت وأتذكّر عالم النباتات وقدرته الفائقة التي جاءت بعد سنوات من الدراسة تشهد لها شهاداته العديدة المعلّقة على حائط مكتبه المتواضع. أما هم فمن أين لهم تلك المؤهلات؟ ومن منحهم الحق في إطلاق الأحكام؟ وهل من أدلة على تلك المسميات التي يطلقونها؟ فما كان لي غير الصمت. الصمت في دنيا المسميات، والتي لربما وضع لي البعض مسمى يلخص حياتي. فعلاً إنها دنيا المسميات.