على فنجان قهوة مع نفسي
نجري من بداية اليوم، نركض من مهمّة إلى أخرى، نقفز من أمر واجب إنجازه لآخر، نجيب على مكالمات هاتفية لا تنتهي، نعيش في دوامة من التواصل والاتصال مع الجميع، بعمق أو بسطحية، فترات طويلة أو قصيرة، بانتظام أو على فترات متباعدة. كل هذا إنما يجعلنا نشعر في النهاية أننا نعيش في دوّامة. ينتهي اليوم ونغط في نوم عميق، ونستيقظ مرة أخرى في دوامة مشغوليتنا. تمر الأيام وأحيانًا السنوات، ونكتشف أن كل ما حولنا قد تغيّر، تعرّفنا عليه، تلامسنا معه، وكل مَن حولنا قد تغيّروا، تعرّفنا عليهم تلامسنا معهم، على درجات متفاوتة من العمق والتكرار. ولكننا وسط تلك الدوامة نسينا أن نتقابل مع أنفسنا، نكتشف أن ما زال في داخلنا ذلك الطفل الصغير الذي يحزن لأنه أوقع البوظة، والذي يشعر بالغيرة من أخيه الصغير، والذي يخاف من الحشرات، والذي ما زال يفتقد للأمان، نكبر ويكبر كل ما حولنا، وذلك الطفل الصغير ما زال في داخلنا. أفلا ندعو أنفسنا على فنجان من القهوة، ونتقابل معها لنعرفها أكثر، لتكبر وتنضج وتتغيّر، لتواجه الحياة كما يجب!