هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1
فكّر بأيامك القليلة الماضية، كيف كانت طاقتك؟ هل كنت في أعلى مستوى من الإنجاز، وهل كان فكرك صافيًا وتركيزك واضحًا؟ هل كنت في أفضل حالة من صحّتك الجسدية؟ وهل كانت مشاعرك منضبطة؟ وهل كان وضعك الفكري والنفسي في حال جيّد؟
هذه كلّها إنما تبدو وتعبّر عن مدى شحن بطارياتنا الداخلية. ولكن السؤال الأهم هو كيف نحافظ على بطاريات مشحونة؟ الأمر غير مرتبط بإنجازاتنا العظيمة أو ثرواتنا الباهضة ولكن الأمر مرتبط بعاداتنا اليومية البسيطة والخطوات المحدّدة التي نسيرها في كل يوم من أيام حياتنا.
يبدأ شحن بطارياتنا الداخلية من خلال أن يكون هناك معنى لما نعمله في حياتنا. وهذا المعنى هو معنى نشعر به ونراه في تأثيره ينعكس على غيرنا. هذا المعنى هو عامل هام جدًا في جعل بطاريتنا الداخلية مشحونة.
فبداية إيجاد هذا المعنى وشحن البطارية يبدأ ليس من الخارج بل من الداخل، من وجود دافع وحافز وتشجيع من دواخلنا. وهذا يتطلب وعيًا ذاتيًا، وفهمًا وإدراكًا لتلك المحفزّات الداخلية، فلكل منا وصفته الخاصة لما يمنحه طاقة تحفيزية. وعيك هذا يمكنه أن يساهم في تركيب معنى لجهودك البسيطة في الحياة فهذا المعنى لكل فعل صغير يمكنه أن يجتمع مع أفعال أخرى بحيث تصبّ في المعنى الأكبر والهدف الأعظم، فتشعر بالمعنى الذي يشحنك. فحتى عمل بسيط مثل ترتيب الألعاب أو جمع القمامة في المنزل يمكنه أن يصب في هدف الأمومة الأعظم في تربية جيل أفضل للعالم في حال كنّا واعين له.
وهذا ينطبق ليس في عائلاتنا ولكن في حياتنا العملية، فحياتنا العملية ليست مجرد مكان نرتاده للعمل، لكنه هدف فيه ننجز ونقدّم ما لدينا للعالم من حولنا، وفيه نستخدم ما لدينا من مواهب وإمكانيات ومهارات. فما يحفّزنا لهذا العمل ليس الراتب الذي نحصّله في نهاية الشهر ولكن التأثير الذي يجري نتيجة ما نعمل. فكثرة مالنا ليست مصدر سعادتنا بل هي في بعض الأحيان تخطف وقتنا الذي به يمكن أن نعمل ما يسعدنا بل وربما تجلب لنا توترًا وضغوطات. لذا فالمعنى من وراء العمل هو الذي يحفّزنا ويشحن بطاريتنا.
أروع نموذج يمكن أن نصل له في أعمالنا هو أن تلتقي نقاط قوّتنا مع اهتماماتنا مع ما يحتاجه العالم والآخرون. ربما لم تصل إلى ذلك النموذج بعد ولكنّك يمكن أن تسير في رحلة نحو تحقيق هذا من خلال أن:
تركّز على الأمور التي أنت تبدأها وتبادر بها، ولا تضيّع يومك في التجاوب والتفاعل مع ما يقوم به غيرك، بل كن أنت العامل المبادر البادىء. كن فعلًا أكثر من كونك ردّ فعل.
تخلّص من تلك الأكذوبة التي تقول: المشغولية دليل على الأهمية. لا تحاول أن تكون مشغولاً قدر ما يكون ما تعمله هو إنجاز تقدّم له معنى ونشاطًا بنّاء. وليكن شعارك في العمل هو العمل بذكاء وليس باجتهاد فقط.
تذكّر أن خلق هذا المعنى لكل عمل مهما كان بسيطًا في حياتك يجمع النقاط معًا لتكتمل الصورة الكبيرة بالهدف الاسمى لحياتك فهذا الهدف هو الذي يشعل أعماقك ويحفّزك للمضي قدمًا.
تعليقات
إرسال تعليق