عزيزي المدخن، يؤسفني أنني لا أدخن
لست أدري كيف أشرح لكل مدخن أن سيجارته تزعجني، وأن رائحتها تضايقني، وأن ملابسي النظيفة لا ترحب برائحة سيجارته بين خيوطها، ولا يرحب شعري بها كذلك.
هو يستمتع بإشعال سيجارة وأخرى، هو لا يفكر بما يجري حوله ومن يجلس قربه، هي مجرد رغبة تسيطر على عقله وبحركات لا إرادية تمتد يده إلى باكيت السجائر ويسرع بإشعالها. أينما كان أو كانت فتلك الرغبة لا يمنعها أي شيء. في مطعم بانتظار الوجبة، أو بعد الانتهاء منها، في صالون الشعر كتسلية بدل المجلات، في أماكن التسوق، في أماكن شرب القهوة، في انتظار الأولاد عند باب المدرسة (ونتساءل لماذا يبدأ أبناؤنا التدخين في سن مبكرة!!). في أي مكان وفي أي زمان سواء في الصباح الباكر مع الندى المتقاطر أو عند غروب الشمس أو بالليل وعلى أضواء النجوم المتلألئة، لا مكان ولا زمان يمنعانه من تلك المتعة. سواء كان وحده أو في حافلة تعج بالركاب أو مع البعض منهم إن كان هو سائق سيارة الأجرة.
يؤسفني عزيزي أن أقول لك أنني أنزعج من سيجارتك، يؤسفني أن أقول لك عزيزتي أنني هنا لأصفف شعري وأنا أدفع بعض المال لذلك فلماذا تجلعني أخرج برائحة دخان تفوح من شعري؟ ويؤسفني عزيزي أنني أتيت هنا لأتناول وجبة مع زوجي ولنتحدّث سوياً، فلماذا تجعلني أستنشق سمومك مع كل لقمة لذيذة من هذا الطعام المطبوخ على يد طباخ ماهر؟ وأيها القانون العزيز يؤسفني أن لا أحد يطبقك، ويا أيها اليافطات المعلقة في الدوائر الحكومية وفي الأماكن العامة ومولاتنا العزيزة فقد أصبحت مجرد زينة.
فأينما أذهب أشتم رائحة الدخان. اتصلت بأحد الصالونات الجديدة وسألتها هل التدخين مسموح عندكم أجابتني: "ولا يهمك كلنا مدخنات!!!!". وفي منطقة خالية من التدخين سألت النادل: "هل التدخين مسموح هنا؟" قال لي: "مش مشكلة مدام دخني براحتك!" أنا كنت أود أن أبدي انزعاجي من أحدهم لا يحترم أنها منطقة ممنوع فيها التدخين.
لن أطالب بمنع التدخين في الأماكن العامة، ولكنني أطالب بنزع كل تلك اليافطات الكاذبة من الأماكن العامة ومن مؤسسة الضمان الاجتماعي والمطاعم والبنوك وأمانة عمان الكبرى ووزارة الصناعة والتجارة ومكة مول وسيتي مول، وأقول "إذا ما كنتم قدّ المكتوب فلا تضعوه." أحد الأطفال والذي ما زال يتهجأ الحروف، قرأ عبارة "ممنوع التدخين" في أحد المطاعم ثم التفت حوله وقال لأمه، "يييييي بكزبوا!!!!" أي هذا كذب، فلننزع اليافطات وكفانا كذباً.
عزيزي المدخن، يؤسفني أنني لا أدخن. اعذرني فسيجارتك تزعجني
تعليقات
إرسال تعليق