"وصلة الكهرباء" المفقودة
كل شيء رائع، كل شيء في مكانه، كمبيوتر وشاشة كبيرة وفأرة من النوع الجيد. كرسي مريح ومكتب أمامه منظر جميل. كوب من القهوة المعدّة جيداً، أفكار صافية وذهن متفتح، يدان متأهبتان للعمل. لكن للأسف شيء صغير ناقص، إنه مجرد وصلة كهرباء صغيرة. بسبب غيابها، تجمدت الأفكار وتوقفت اليدان المتأهبتان وبقي الكمبيوتر وتوابعه في مكانه. حتى الكرسي المريح والاستمتاع بالمنظر الرائع عكّره ذلك الغياب.
هكذا حال عائلاتنا هذه الأيام، أفضل تعليم، وأنشطة متعددة متنوعة، وألعاب مبتكرة، وبرامج ترفيهية وتعليمية وتطبيقات من كافة الأنواع والأشكال. كثيرة تلك هي الأمور التي بين أيديهم، ومتنوعة تلك الأمور المهيأة لهم، ولكن ينقص كل هذا شيء بسيط، ليس وصلة كهربائية صغيرة ولكن وصلة تجمعهم. فمائدة طعام تجمع أفراد العائلة معاً، أو رحلة في الطبيعة لجمع الزهور البرية، أو زيارة الأقارب معاً. لقد فقدت تلك "الوصلة"، فكلٌّ يأكل ما يحب، وكلٌّ يأكل متى يحب، وأصبحت المطاعم مطبخنا الثاني. وكلُّ له برنامجه الخاص، وأصدقاؤه المختلفون، وكلٌّ يدخل ويخرج كما يهوى. فمن مكان إلى مكان حتى أصبحت السيارة بيتنا الثاني.
كل شيء موجود وكل شيء متوفر ومتاح، ولكن لبعض الآباء والأمهات تتجمد الأفكار وتتوقف اليدين ويبقى كل شيء على حاله، فالطعام المطبوخ الساخن استبدل بوجبة سريعة في كيس ورقي، ووقت العائلة ولقاءات العائلة استبدلت بالتسكع في المول. وفي ذهن الآباء فإن منظر العائلة الجميل قد تعكر بغياب تلك "الوصلة".
تعليقات
إرسال تعليق