اجتماعي افتراضي


لطيفة، لا تفارقها الابتسامة، عندما تتكلّم تخلق شعورًا طيبًا حولها، في لحظات تبني صداقة، وبعد بضعة لقاءات تجدها تحتسي القهوة مع إحدى الصديقات، حياتها مليئة بالدعوات واللقاءات وعلى هاتفها تستقبل العديد من الاتصالات. هي اجتماعية، تسمتع لفلان وتهنيء فلانة، مشغولة بالآخرين، ودائمًا تجد لهم الوقت، لديها الكثير من الأمور غير المنجزة لأنها تستمتع بقضاء وقت مع غيرها، هي تخشى الوحدة ولا تستمتع بالبقاء بدون حوار وكلام وحديث مع الأصدقاء وحتى الغرباء.
وهناك على الجانب الآخر، لطيفة نشيطة، ترحّب بالجميع وتبدي إعجابها بالكل، وتعبر عن رأيها وتتفاعل مع ما يقوله الآخرون، تتابع أخبار الجميع وتعبّر عن فرحتها ومحبتها لهم، بقوة وجرأة وحماس وعاطفة جياشة.... أما الفرق بين هذه وتلك، هذه اجتماعية في عالم حقيقي، وتلك في عالم افتراضي. عالم من السهل السيطرة عليه، تشعر بالأمان في العلاقات فيه لأنك تنتقي من ترغب في تعميق العلاقة، وتتجنب من يزعجك أو لا يروق لك. عالم مريح فأنت تختار متى تتواصل ومتى تسكت، ومتى تجيب ومتى تمتنع عن الإجابة، يمكنك التجاوب السريع أو المماطلة والتأجيل. تشعر بالراحة فالأمور تحت سيطرتك. أنت الآمر الناهي، أنت صاحب القرار. تلبي أشواقك للعلاقات والتواصل في أمان دون مخاطرة أو أذى. العلاقات لطيفة ومريحة، إيجابية وسوء الفهم فيها قليل، وإن حصل فمن السهل تجاوزه.
ألا تجدنا نميل لذلك العالم الافتراضي؟ ألا تجدنا نسعى لعلاقات مريحة تحت سيطرتنا؟ ألا تجد أن تلك النشيطة افتراضيًا لا تنطق بكلمة عندما تراها، أو أن "الكشرة تعلو" وجهها، أو أنها تتعمّد تجاهلك، أو أنها باردة في مشاعرها، وبالكاد تستمع إليك وإن استمتعت فعيونها لا تلتقي بعيونك، بل تسرح بعيدًا ربما بحثًا عن علاقة افتراضية أكثر أمانًا. 
yellow smiley emoji on gray textile

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1

همّ البنات للممات

عالسريع