من أين أبدأ؟



يبدو البيت وكأنه مسكن مقتنيات ومركز تعيش فيه الأغراض، كما ويبدو أن لها الأولوية في تصميم البيت وترتيبه وإدارته، لكن في الحقيقة البيت هو مسكننا نحن، والمكان الذي نحتاج أن نشعر بالراحة بين أحضانه. هو مكان فيه ننجز ونفكّر ونتواصل ونحتفل ونعمل وحدنا ومعًا، هو مكان نصنع فيه الذكريات ونكسر الحواجز في العلاقات ونبني من نحبّ. هذا ما دفعني لأبدأ تلك الرحلة، رحلة تحويل المنزل إلى مكان لي ولعائلتي ولأحبائي، وليس لمجموعة لا متناهية من المقتنيات.

من أين أبدأ؟ كيف أبدأ؟ ما هي الفوائد؟ وما هي العوائق؟ وما التحدّيات التي قد نواجهها، وكيف نتغلّب عليها؟

ما تحتاجه في البداية هو أن تشكر الله على ذلك السقف الذي يحميك ويحويك ويجمعك مع من تسكن. أنت بحاجة أن تشعر بالامتنان والشكر لذلك المكان الذي تسكنه، لا بد أن يكون هناك محبّة وفرح به وبوجودك فيه، وأن تعتبره من أروع البركات التي لك في حياتك. إن لم تقبل المكان الذي تسكنه، وإن لم تشعر بالامتنان له فإنك لن تستمتع به وستعجز عن بذل أي جهد في تطويره وإضافة لمسات الإبداع فيه.

كما يتغيّر فكرك من نحو المكان الذي تعيش فيه، فإنك تحتاج أيضًا أن تغيّر نظرك لمحتويات البيت. يمكنك أن تقسّم المنزل إلى عدّة تصنيفات مثلاً: الملابس والأحذية، الأوراق والوثائق، الذكريات كالصور وغيرها، الكتب، أدوات المطبخ، الألعاب، أدوات الحمام، العدد وغرف الخزين. عندما تنظر إلى تلك المقتنيات ضمن تصنيفات فهذا يجعلك تفكّر في كيفية التعامل مع كل منها، من خلال مثلاً التقليل منها أو تعزيلها أو ترتيبها أي إدارتها بشكل عام.

بعد أن تختار واحدة من تلك التصنيفات يمكنك أن تبدأ بجعل النظام يزور تلك الفوضى التي تقتحم تلك المقتنيات، أو تبدأ بتقليل حجم المقتنيات تلك وتقليل المساحة التي تشغلها. هذه العملية هي عملية تبدأ فكرية ثم تتحوّل لخطوات عملية، وذلك من خلال الإجابة عن سؤالين وهما: هل أريده؟ هل أحتاجه؟ ما الذي يمنعني من التخلّص منه أو التبرّع به؟ وفوق كلّ هذا لا بد من التخلصّ من تلك الأفكار المغلوطة والتي تندرج تحت شعارات: قد أحتاجه، يا للخسارة. تحتاج إلى شجاعة للتخلّص من تلك الأفكار.

هذه العملية هي رحلة وليست ماراثون أو سباق تودّ الوصول فيه بأسرع ما يمكن. إنها عملية تقوم بها، وبها تبدأ خطوة خطوة. تجعلك تشعر أكثر بالامتنان والحب والراحة في المكان الذي تسكنه. لن يعود مسكنًا للمقتنيات لكن مكانًا فيه تبدع وتفكّر وتحلم وتتواصل وتستمتع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1

همّ البنات للممات

عالسريع