نظارات جديدة
حتى من لا تتمتّع بالجمال، حتى تلك البدينة وصاحبة الشعر المنكوش والأنف الكبير أو العيون الغائرة في وجهها، قادرة أن تجذب الانتباه. قادرة أن تلفت انتباه الآخرين لها. هي قادرة أن ترقص على أنغام الموسيقى وتغني أغنية بصوتها الحنون. الأمر متاح لها أن تجلس أمام البحر وتستمتع بمنظر الغروب، والمسرح جاهز لاستقبالها كي تلقي بعض أبيات الشعر أو تقود حفلًا موسيقيًا أو تقرأ أسماء الخريجين لاستلام شهاداتهم.
لماذا عندما نختار، نختار الجميلات، ونبحث عن الأجساد الممشوقة، والعيون الجذابة؟ هل هذا هو ما يهمّنا؟ أليس للبدينات أو لمتوسطات الجمال نصيبًا معنا؟ ما المعايير التي نختار بها؟ هل الجمال وشكل الجسم هو المعيار الأول والوحيد والأخير؟
أتمنّى لو بإمكاني أن أنظر للآخرين بطريقة مجرّدة دون مراعاة الانتباه للشكل أو الطول أو الوزن أو ملامح الجسم، أتمنّى لو أن هناك فلترًا يمكّننا من رؤية حقيقة الأشخاص وصفاتهم وشخصياتهم. أعلم أن مثل هذا الأمر غير متاح وغير ممكن، ولكن ما هو ممكن أن نتخلّص من تلك الأفكار والأحكام المسبقة والمعايير التي وضعناها لقبول الآخرين. ولننظر إلى أن كل من نقابل كإنسان، ولنقبله ونحترمه كإنسان واضعين جنبًا شكله وخلفيته ومركزه، مركّزين على ما يجمعنا أي الإنسانية. مدركين تمامًا أن ما نراه ليس هو ذلك الإنسان كلّه، فهناك الكثير الكثير مما لا نراه.
تعليقات
إرسال تعليق