المتقاعد القاعد
يجلس على شرفة منزله، ويمكنك أن ترى الدخان المتصاعد من السيجارة التي يفصل بين الواحدة والأخرى أقل من نصف ساعة. وآخر تجده يتمشى في الصباح الباكر جداً نحو بقالة قريبة لشراء الجريدة ويعود إلى شرفته مرة أخرى مع فنجان القهوة العربية، وآخر تجده يتمشى ذهاباً وإياباً أمام مدخل بيته، ولعدة مرات، يدهشك هذا فهو إما أنه يمارس نوعاً جديداً من الرياضة أو أنه غارق بالتفكير في أمر ما يشغله. يمكنك أن تتصادف مع مثل هؤلاء في كل يوم، وما يميّزهم كذلك الكثير من الشيب وبعض التجاعيد، ومن خلال حديث قصير معهم يمكنك أن تكتشف أن كل منهم هو كما أسميته "المتقاعد القاعد".
التقاعد، تلك المرحلة التي يشتاق لها الكثير من الموظفين، فتجدهم يقولون: "متى أتقاعد؟ الجميل في الأمر أنني سأحصل على الراتب وأنا "قاعد". هذا هو التقاعد بالنسبة لهم. شعور جميل فلا استيقاظ مبكر ولا مرور في الأزمة الخانقة ولا "نكد" المدير أو "غيرة" الزملاء أو التعب والإرهاق. ولكن عندما يأتي التقاعد بالفعل وتأتي معه "القعدة" تجد الأفكار قد تغيّرت فاليوم طويل والملل كبير والفراغ ليس هناك ما يمكن أن يشغله. فمنهم من يختارون لعب الشدة أو طاولة الزهر أو التجمع مع شلة "المتقاعدين" الآخرين في حديقة ما أو مجرد الجلوس على الشرفة أو التجول من غرفة إلى غرفة في المنزل مع بعض التعليمات التي يقدّمونها لزوجاتهم فيما يتعلق بنوع البهارات وكمية الملح في الطبخة، وما يتبعه من بعض الخلافات والتي يتسلون بها لبعض الوقت. ووسط جميع هؤلاء المتقاعدين يعجبني من اختار العمل التطوعي فانشغل في جمعية خيرية ونشاطاتها ولم يقبل بأن يُقال عنه كبير السن أو متقاعد ولكنه دعا نفسه للعمل التطوعي والخيري، ويعجبني من جعل الرياضة أسلوب حياته فتجده يومياً يمارس رياضة السباحة أو التمارين في النادي الرياضي، وتعجبني تلك النساء اللواتي يمارسن الرياضة بانتظام وبنشاط كذلك. وما لفت نظري وسط كل هؤلاء المتقاعدين من استعد للتقاعد قبل سنين عديدة منه، فلم يفاجئه التقاعد ولم يجد نفسه لا يعلم ماذا يفعل لكنه خطط له، وفكّر في مشروع يود أن يعمله، فاختار إما السفر إلى بلد أخرى لعمل تطوعي جعل الشباب يشع في وجهه رغم التجاعيد وانحناء الظهر. وآخر اختار السفر هو وزوجته للتعرف على بلاد لم يكن من الممكن أن يرونها مع أطفالهما الصغار، أما الآن فالوقت ملكهما ويمكنهما الانتقال بحرية.
فقبل أن يأتي التقاعد استعد له حتى لا تكون المتقاعد القاعد الذي يجول في شرفة منزله لا يدري كيف ستمر ساعات اليوم أو أيام الأسبوع أو أسابيع الشهر، بل فكّر واستعد وكن خلاقاً لتجعل من التقاعد فرصة ذهبية لك لتقوم بعمل مميز.
LOVE LOVE LOVE ... LOVE IT YA SHEREEN.... I LONG FOR THE NEXT ARTICLE...
ردحذف