يركضون إليك لتشتري ويتهربون منك بعد ذلك
تجده لطيفاً معك، ويحاول أن يرضيك ويترك لديك انطباعاً جيداً، ولو سألته سؤالاً لأجابك الإجابة التي تجعلك مرتاحاً له وللمنتج الذي يبيعه. معه لا تحمل أي هم، مكفول لعدة سنوات، طبعاً هذا إن احتجت لاستخدام الكفالة، فهو من أجود وأفضل الأنواع. هو مصدر راحتك وهو الأفضل في الجودة والسعر، لا يمكنك أن تتردد لحظة في الشراء. هيا! تجده يشجعك على الشراء مثلاً هذه الغسالة أو هذا الهاتف أو تلك اللعبة الإلكترونية أو هذا السرير أو تلك المخدة، وداعاً للشخير مع تلك الوسادة، ووداعاً للملل مع لعبة الأطفال تلك، ووداعاً للأكل المحروق مع تلك الطنجرة. هيا لا تتردد هو يقبل الشيك أو الفيزا أو أي وسيلة دفع، فقط قم بالشراء. وإن لم تشترِ فقد يذكرك بنفسه وبمنتجه من خلال رسالة إلكترونية أو نصية أو مكالمة هاتفية. لن يتركك سيلاحقك ويحاصرك إلى أن تقبل عرض الشراء.
وبمجرد أن تدفع وتتم الصفقة، يتبدل الحال، فبعد أن كنت ملاحقاً منه ستصبح أنت الملاحِق له، وبعد أن كان لطيفاً معك تصبح أنت لطيفاً كي تتمكّن من الحصول على ما يسمونه "خدمة ما بعد البيع". بالنسبة لي تلك الخدمة هي مجرد وهم، فإن تعطلت الآلة يقال هذا سوء استخدام أو انتهى عمرها أو لا بد أن لديك مشكلة في الكهرباء أو الماء أو التمديدات في منزلك. أو "عادي هيك كل الأدوات بتخرب" أو "في أمور ما إلها تفسير" وتزداد قائمة الأعذار فتجد نفسك تلقي الجهاز جانباً وتبحث عن آخر، وتندب حظك لاختيارك هذه الماركة أو هذا السوق.
هذا ما توصلت إليه بعد عدة مقالب مع اعزائنا أصحاب المحلات بأن خدمة ما بعد البيع هي "يركضون إليك لتشتري ويهربون منك بعد ذلك"، فإن اشتريت منتجاً لا تأمل أن يتم التعرّف إليك، وإن أردت حقك فلا بد من أن تتفرغ بضعة أيام للاتصال والزيارة والتنويع في استخدام أساليب اللطف والغضب و"الزعل" و"الترجاية" حتى تحصل على "حقك" وبالتوفيق.
good one Dr.
ردحذف