كنافة جدّتي


ما أشهى تلك الكنافة التي كانت تعدّها جدّتي! وما أجمل القصة التي كان يسردها جدي لنا في كل مرة كنا نجتمع حوله، القصة ذاتها كانت تتكرّر، ولكننا في كل مرة كنا نستمع لها كانت تبدو لنا جديدة، فنضحك ونتفاجأ مع أحداثها! لا أسميهم جدّ وجدّة فقط، ولكنهم آباء وأمهات من نوع آخر، فيبدو لي أنهم قد افتقدوا لبعض المتعة والإثارة في علاقاتهم مع أبنائهم وبناتهم بسبب الضغوطات المادية وشبكة العلاقات العائلية الممتدّة والعمل والمتطلبات المتزايدة وتعب الجسد، أما الآن فهم يشعرون بالهدوء ويستمتعون بعلاقتهم مع أحفادهم أكثر وأكثر.  
عندما نسرد لأبنائنا قصص طفولتنا مع أجدادنا وجداتنا فإنها تجعلهم يشعرون بمدى تميّز تلك العلاقة بين الأجداد والأحفاد، ويشعرون بالتقدير أكثر لكبار السن، والاحترام للشيب الذي هو وقار. كما أن قصص طفولتنا مع والدينا ومدى اهتمامهم بنا ومحبتهم لنا تجعل أبناءنا يقدّرون آباءنا أكثر، فتتقوى العلاقة بينهما.
الجدّة ماهرة في الخياطة، تعلّم حفيدتها كيف تخيط ملابس لدميتها. الجدّ لاعب شطرنج، يعلّم حفيده بعض الخطط للفوز. طعام الجدّة لذيذ يستمتع به الأحفاد ثم يعاونونها في غسيل الأطباق، الجدّ لديه تشكيله كبيرة من العدّة، فيأتي الحفيد ليساعده في ترتيبها وإصلاح بعض ألعابه المكسورة. هذه مشاهد يمكن أن تعزز العلاقة بين الأحفاد والأجداد، وتزرع المزيد من الحب والألفة بينهما.
يقضي الأحفاد في بعض العائلات معظم وقتهم مع أجدادهم، فتغدو العلاقة بينهم قوية، ولكن في بعض الحالات الأخرى يزور الأحفاد أجدادهم زيارات متباعدة، ولكن في أي من الحالتين فإن للجدّ والجدّة مكانة في قلب الحفيد، مكانة مميزة كطعم كنافة جدّتي الذي لن أنساه.  

person's hand in shallow focus

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1

همّ البنات للممات

عالسريع