جميلة أمام المرآة؟

وقفت تتزيّن أمام المرآة لساعات، انتقت ألوان ملابسها بعناية، اختارت ارتفاعًا مناسبًا لحذائها، رفعت شعرها وسرّحته بما يتلاءم مع ملامح وجهها، أضافت بعض الخطوط الملونة على عيونها وشفتيها لتكتمل أناقتها. قامت بهذا كل يوم، وليس فقط مع بداية اليوم ولكنها أجرت بعض التغييرات وقامت ببعض التحديثات في تسريحة شعرها ومكياجها خلال اليوم بما يتلاءم مع المكان والزمان والأشخاص في اللقاء. كان ذلك هو ما تقوم به ولسنوات عديدة، وقد أصبح جزءًا اعتياديًا في حياتها، أمرًا مفروغًا منه. ولكنّها في كل مرّة كان يراودها ذلك السؤال: هل أنا جميلة؟ مع كل قطعة كانت تشتريها أو تختارها من دولاب ملابسها، ومع حذاء تلبسه، ومع كل تسريحة ومع كل موضة جديدة تضيفها إلى أناقتها ينشغل بالها بكيف تكون جميلة، وأكثر جمالًا بل والأجمل. وقبل أن تنطلق كانت تقف أمام مرآتها، وتحصل على التأييد منها، تهز رأسها راضية وتنطلق.

ولكنها نسيت أن ما يراه الناس ليس هو ما تراه هي في مرآتها، الناس يرون كلماتها، اهتمامها، ردود أفعالها، مواقفها، تصرّفاتها، كل هذا إنما هو يغلّف جمالها بغلاف آخر، فإما أن يظهره فاتنًا جذابًا أو يظهره منّفرًا متكّبرًا. عندها أدركت أن شفتاها بحاجة لأن تتزين بابتسامة دافئة، وعيونها بحنان ورفقة، ولسانها بكلمات تشجيع، وقلبها بإيجابية ومحبة، عندها ستبدو أكثر جمالًا بل والأجمل في عيون من تلتقي بهم، فهم يرون لا بعيونهم بل بقلوبهم، ومرآة الآخرين ليست كالمرآة التي بها ننظر إلى أنفسها، بل بمرآتهم يرون حقيقة من نحن وليس ما تظهره الملابس والتسريحات وألوان الماكياجات. 

shallow focus of person holding mirror

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1

همّ البنات للممات

عالسريع