عندما نختار الفشل


أحيانًا نختار الفشل مع سبق الإصرار، نبذل الكثير من الجهد والطاقة والوقت والموارد التي تقود وتؤدي إلى الفشل. أليس هذا بالأمر المحزن!؟

لماذا لا نوجّه كل هذه الجهود والأوقات والطاقة نحو النجاح. ليس نجاحنا فقط بل نجاح الآخرين والمهمات والعالم من حولنا. لماذا لا نتيقظ لتلك الطاقة والجهد المهدور الذي يدفعنا نحو الفشل ولنحوّله نحو النجاح. 

كتب طفل رسالة إلى والده الذي كان في خلاف مع والدته، وقد نعت الطفل والده بألفاظ سيئة. اشتاط الاب غضبًا ووبخ الابن وعاقبه وبدأ يعاتب الأم بل حمّل الأم المسؤولية الكاملة في زرع تلك الأحقاد في نفس ابنه. تصاعد الموضوع وشعر الطفل بأن الجميع ضدّه ومرّ في حالة نفسية سيئة أما الأم فزادت الحواجز بينها وبين زوجها. كتم الابن مشاعره في أعماقه، ونام في فراشه ونامت معه مشاعره واستيقظت في كوابيس كانت تؤرقه، وندمت الأم على كلام كثير قالته وشعرت بأنها أم فاشلة، أما الأب فغروره جعله يشعر أنه أخفق في وضع الحدود لابنه وأن أخفق كذلك في اختياره لزوجته، شعر بأن الحياة ضده وهرب من ذاته ومواجهة أعماقه. كل هذا جعل القصة تنتهي بالفشل، أليس هذا محزن!؟

 

ماذا لو صمّم الأب على جعل هذا الموقف قصة نجاح ولحظة يستغل فيها الوقت والجهد والطاقة نحو النجاح، وكذلك فرصة لتعلّم درس جديد. ماذا لو تكلّم الأب مع ابنه وسأله لماذا كتب هذه الرسالة؟ وماذا يشعر؟ وبماذا يفكّر؟ وما اقتراحاته؟ ماذا لو قدّم له الاحترام الذي يستحقه كشخص له الحق في التعبير عن رأيه، وعزّز جرأته في كتابة تلك الرسالة؟ ماذا لو رأى الأب في هذا الموقف أمرًا إيجابيًا وشيئًا ما يمتدح فيه الابن؟ ماذا لو عرف مشاعره الدفينة وربما أدرك أن في أبوته خلل ما دفع هذا الابن لكتابة هذه الرسالة؟ ماذا لو تواضع الأب ووضع نفسه مكان ابنه وشعر بمشاعره وتعاطف معه؟ ماذا لو استغل هذه فرصة ليعلّمه فنون الكتابة، ومهارة التعبير عن المشاعر، وفلترة الكلمات من الغضب والإساءة؟ ماذا لو فعل كل هذا؟ حتماً ستنتهي القصة بنجاح ولن يكون هذا بالأمر المحزن! 

 

ماذا عنك أنت، هل تمضي الوقت في الحديث عن الأحداث السيئة وعن المشاعر السلبية المصاحبة لها؟ أم تفكّر كيف تحوّل ما حدث لدروس يمكن التعلّم منها، وجعلها تقودك لنجاح من خلال مراجعة الماضي وتقييم ما حدث والحصول على تغذية راجعة من الأطراف المعنية، وكذلك وضع خطط وأفكار للمستقبل لاتخاذ خطوات جديدة تطويرية وبناءة. فبهذا تتجنّب الفشل وتمنع إهدار الوقت والجهد والطاقة وتسير في خطى نحو النجاح.  


نعبر الحياة ونعيشها وتمر بنا الأيام والسنون وأحيانًا دون أن نحقّق أحلامنا وطموحاتنا، ونسير ونحن عاجزون عن استخدام قدراتنا ومواهبنا وإمكانياتنا. قد يكون السبب لأننا نعيش ظانين أننا خالدون وكأن لا موت سيقتلعنا من هذه الحياة ونظن وكأننا سنعيش مليون سنة. فيمضي العمر هباءً. ونحن إما أن نستسلم للكسل ونغط في سبات عميق يُنسينا من نحن وماذا نفعل، أو ننغمس في أنشطة وحركة مستمرة ولكنها أنشطة غير مهدّفة ولا تبني ولكنها مضيعة للوقت، أو نكتفي بأنفسنا وننغمس في ذواتنا وننسى كل ما حولنا، أو ندور في دائرة إدمان سواء إدمان ألعاب أو أكل أو خمر أو غيرها، أو نستغل طاقاتنا في أعمال لا تستخدم كل إمكانياتنا ومواهبنا بل هي أعمال جافة سطحية مكرّرة، أو ننشغل في رسم صورة لطيفة لأنفسنا سواء في الشكل أو أسلوب الحديث كي نجذب الآخرين لنا، أو إننا نفني حياتنا لتحقيق أحلام غيرنا ناسين ذواتنا. كل هذه الأساليب من الكسل أو الإدمان أو الانشغال بما هو أقل أهمية إنما يقودنا نحو الفشل.

لذلك فلنختر النجاح ولا نهدر طاقتنا في الفشل!  


تعليقات

  1. عزيزتي شيرين الرب يباركك على هذا الموضوع و طريقة التعليق عليه!! موضوع جدا مهم قراءته باستمرار للتذكير. تسلم ايدك
    كل مواضيعك شيقة، استمري للأمام مع دوام النجاح و التقدم

    ردحذف
  2. هذا الموضوع بالذات غير في حياتي وفي طريقة تعاملي مع التحديات، وبتمنى أنه توصل الفكرة لكل من يقرأ:) كل الشكر على هذا التعليق المشجع

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1

همّ البنات للممات

عالسريع