من ذكريات الصغير في فصل جديد- نشرت في مجلة نكهات عائلية
بدأنا بتلك المهمة الصعبة التي حاولت تأجيلها قدر الإمكان، ولكن حرارة الطقس العالية وبعض الفوضى التي تزعجني أنا التي أحب النظام والترتيب هو ما دفعني بالبدء بها. تلك هي المهمة المنزلية التي تأتي مع قدوم فصل جديد وانتهاء فصل آخر. وها قد بدأ العمل بفتح الصناديق والأكياس وإعادة الترتيب، وطبعاً لا يمكنني أن أتغاضى عن ردة فعل ابني الصغير وعمره خمس سنوات، فيمكنك أن تلاحظ نظرات عيونه وانفعالاته وهو يرى الملابس الصيفية، وها هو الآن بدأ بتجربتها، هذا صغير وهذا جميل وهذا قديم، أضحكني وبنفس الوقت بدأت أشعر بأن المهمة لا يمكن أن تنتهي بسهولة مع فرحته تلك وانفعاله بملابسه. بدأنا بوضع الملابس الصغيرة جانباً، ورأينا مجموعة من تلك الجديدة التي لم يتمكن من استخدامها السنة الماضية لكبر حجمها، فها هي الآن على مقاسه. كم تمر الأيام بسرعة، إنه يكبر. وها هو يسأل أسئلته الكثيرة، كيف؟ ماذا؟ لماذا؟ من؟ أين؟ متى؟ أحاول الإجابة قدر الإمكان وتغيير الموضوع عند اللزوم وكل الطرق كي نتمم المهمة بأكبر قدر من الاستمتاع وأقل قدر من الخسائر. ماما سألبس هذه الملابس، ياي ياي. أجبته: نعم يا حبيبي أنت تكبر. وهنا يأتيني بفكرة جديدة: "يعني ماما رح أصير ألبس أواعي البابا."
وهنا لم تكن لدي الإجابة، وقفت وتأملت، هل ستمر الأيام بهذه السرعة، هل ستكبر وتصبح شاباً. إن تعليقه البسيط هذا دفعني إلى المستقبل، رفعني من اللحظة الآنية إلى اللحظات المستقبلية، ماذا هناك؟ ماذا ينتظرنا؟ هل سأبقى أم أرحل؟ هل سأحظى بصحة ونعمة أم ماذا؟ ماذا وماذا وماذا؟ وبدأت كل ماذا تلحق بأخرى، وأنا أشعر بدوار، لم أفكر إلى هذا البعد من قبل. ولكن هنا توقفت وتذكرت كلمات المرنم (يخاطب فيها إلهه المحب) تقول: مستقبلي في يدك مؤمّن لي عندك على الآتي أشكرك ففيك ثقتي.
ضحكت عندها وأنا ما زلت أقف على السلم لأضع كيس الملابس، وأجبت ابني وقلت لنلبس هذه الملابس الجديدة أولاً ونستمتع بها ونرسل صورة للجدة التي أرسلتها لك من الخارج، فما زال هناك الكثير من الوقت قبل أن تلبس من ملابس البابا.
تعليقات
إرسال تعليق