تحدّي جمع الريش
كيف يمكنه عمل ذلك! فقد هبّت عاصفة قوية، جعلت الريش يتناثر في اتجاهات عدّة. كما أن البيوت متباعدة والريش كثير العدد.
تلك هي قصّة رمزية لما يجري معنا ربمّا كل يوم. فعندما نتحدّث عن شخص أمام شخص آخر، وينقل الشخص الآخر كلامنا لآخر ومنه لآخرين، يغدو الكلام كالريش المتطاير الذي لا تعرف مصدره ومن أين أتى وإلى أين يتجّه. بينما ينتقل الكلام إلى العقول وينغرس في القلوب، فإنه يمرّ في مراحل من التحوّر والتطوّر والتشكيل التي ربما تجعله قضية أو مشكلة ومعضلة تحتاج إلى حلّ. ليس ذلك فقط فبينما ينتقل الكلام فإنه يغيّر في منظور الأشخاص من نحو غيرهم من الأشخاص، فتبنى الحواجز، وتتغيّر ديناميكية العلاقات. وفي أحيان كثيرة تذوب الدوافع النقية في دوامة النميمة فيغدو الشخص متهمًا في قفص الاتهام، كما ويتحوّل أصدقاؤه وزملاؤه وأحباؤه إلى مناهضين له.
يُقال أن "الاغتياب هو ابن الأنانية والفراغ"، وأنا أقول إن أردت أن تتحرّر من تلك الآفة وهذا المرض الاجتماعي العضال فأنت بحاجة أن تتحرّر من أنانيتك وتمحورك حول ذاتك. عزيزي، أنا وأنت لسنا محور الكون، وأنا وأنت لسنا معصومين عن الخطأ، وأنا وأنت لسنا أفضل من غيرنا، وأنا وأنت ليس لدينا الحكمة والمعرفة والفهم ومهارات الحياة المتعدّدة أكثر مما لغيرنا، وأنا وأنت لسنا في مستوى أرفع من غيرنا ولسنا أسياد أو متسلّطين عليهم، أنا وأنت لسنا مسؤولين أن نصلح أحوال الآخرين، ولا أن نوجّههم ولا أن نتذرّع بمناصبنا أو مستوانا الاجتماعي أو الثقافي أو نوعية علاقتنا أو قدراتنا المميّزة لنعمل على إعادة برمجة تلك الشخصيات التي نتقابل معها.
مسؤوليتي ومسؤوليتك أن نحبّ، أن نتعاطف، أن نشعر، أن نسامح، أن لا نحلّل أكثر من اللازم، أن لا نخمّن الدوافع، أن لا نحكم.
بل أن نتذكّر أنني أنا وإنت إنسان وهذا ما تحتاجه الإنسانية. سلام لا حرب، محبة لا خصام، تعاطف لا أحكام، استماع وإنصات لا هجوم أو دفاع.
فعلا هذا ما نحتاجه في وقتنا الحالي . كلام رائع
ردحذفتعليق مشجع أقدره كل الاحترام
ردحذف