مبروك الشارع
"لحظة، بس ثانية أجيب ربطة خبز من المخبز." هكذا يفكَر من تجده قد ركن سيارته تقريباً في نصف الشارع. إياك أن تظن أنه اشترى الشارع حديثاً وتقول له: مبروك الشارع. إنها مجرد لحظة، لحظة لشراء ربطة الخبز. قم بإلقاء نظرة في الشارع وتأمل ما حدث فتلك السيارة العالقة وراء صاحبنا قد قررت التجاوز، وهناك في تلك البقعة يمكنك أن تجد أن السيارات قد علقت، فتلك تحاول الاتجاه يميناً في نفس المكان الذي فيه تحاول أخرى الخروج من موقفها، كل هذا بسبب ربطة الخبز. وها قد جاء ورأى "الهيصة" فرفع يده ومعه ربطة الخبز ودخل سيارته مسرعاً. واندفع بسيارته مسرعاً تاركاً الهيصة وراءه.
"مش قادر أفتح عيوني، بس أجيب فنجان قهوة من هالمحل." هكذا فكّر من تجده قد ركن سيارته وراء سيارتك. وعندما تخرج من عيادة الطبيب مستعجلاً للذهاب لشراء الأدوية كي تتمكن من التخلص من ذلك الفيروس المزعج الذي عطّل مشاريعك وأضعف من إنجازك، فإنك تفاجأ بأنك محاصر من الخلف ولا يمكنك التحرّك، كل هذا بسبب فنجان القهوة. ماذا تقول له عندما يأتي ومعه فنجان القهوة وهو يرفع يده معتذراً، أو أحياناً رافعاً صوته: "شو صار خربت الدنيا كلها دقيقة"، هذا في حال أنك تجرأت بأن تضغط على زامور السيارة لتظهر انزعاجك. لا تقول له مبروك الشارع فهو لم يشتره ولكنه أراد فقط شراء فنجان قهوة.
وهناك في زاوية أخرى تجد من وقف في وسط شارع تصطف فيه السيارات على الجانبين فقط ليسحب بعض النقود من الصراف الآلي، وآخر قرب البقالة لشراء علبة دايت سفن أب بعد وجبة مفتول قد دعي إليها عند حماته، وآخر أراد إنزال البضاعة أو عبوات المياه أو البطيخ للبسطة والكثير والكثير.
لا تستغرب عزيزي ولا تقل لأي منهم مبروك الشارع فإنه لم يقم أي منهم بشراء الشارع مؤخراً، بل هي مجرد دقيقة، وليس أمامك أي خيار سوى "أن تطوّل بالك" إلى أن يشعر الفرد بالمسؤولية ويكف الناس عن كسر القوانين، ولا يعد الأشخاص يظنون أنهم الأهم في هذا العالم، ويتوقف الناس عن عمل ما يحلو لهم.
تعليقات
إرسال تعليق