القلب الذي يتسع الكثير

أدهشتني تلك الأمومة، الأمومة التي تملك قلباً كبيراً. ذلك القلب الذي يتسع أكثر مما نتخيل. يتسع لطفل صغير لا يعرف إلا أن يأكل وينام، وليس لديه وسيلة للتعبير غير البكاء. ويتسع كذلك لمراهق يتغير ويبدو أنه شخص غريب الأطوار يود لو أنه يرحل إلى الفضاء. إنه القلب الكبير. القلب الذي ابتدأ بمحبة زوج، والاهتمام بأمره. ومع أطفال ثمرة هذا الزواج، تجد ذلك القلب يكبر ويتسع، أهذه معجزة تترافق مع عملية الولادة والرضاعة أم أنها شيء في أعماق الأنثى منذ أن تولد ولكنه يظهر فيما بعد؟ لست أدري، ولكن ما أعرفه أنها تملك ذلك القلب الكبير. القلب الذي يمكنه أن يتغاضى عن كل تعب الجسد ويتجاهل احتياجاتها الأساسية ليقدّم ويعطي. إنه القلب الذي يمكنه أن يمنح أكثر بكثير مما يأخذ، إنه القلب الذي يقدّم دون توقّع المقابل. إنه القلب الكبير.

ولكن المعجزة في الموضوع ليس ذلك القلب الكبير إنما القلب الأكبر الذي منح ذلك القلب كل ما عنده، أنه قلب الله المحب. إنه الذي يمنح تلك الأم الغريزة والمشاعر والعواطف. إنه من يدفعها إلى الأمام لتبذل نفسها دون مقابل. إنه من يمنحها القوة والطاقة، إنه من يسمع صلاتها وبكاءها وأنات قلبها. إنه من يمكنه أن يسدد كل احتياجها ويرسم على شفتيها البسمة والضحكة في قلبها. فتغدو في صحة أفضل وحماس أكبر وإيمان أقوى وسلام أعمق. إنه صاحب القلب الأكبر.

إن الله منحك أيتها الأم والزوجة قلباً كبيراً يتسع للكثير، ولكنك تحتاجين إلى قلب أكبر يتسعك أنت بكل ما عندك. قد تكون المخاوف والأفكار من نحو المستقبل، قد تكون أمراض أو آلام، قد تكون مشاكل وصعوبات، قد تكون عادات وأطباع كلها أمور قد تعكّر صفو قلبك المحب. ولكن تذكري أن هناك لك أنت مكان خاص في قلبٍ أكبر عند إله أعظم، قادر ومسيطر وسيد على كل الأوقات والظروف والأحوال. لك هناك في قلبه مكان، ليكون قلبك في مكانه بأمان.