هناك على فراش الموت


هناك على فراش الموت، هناك في ذلك المكان الذي لم تفكر في حياتها لحظة أنها ستكون فيه، لم يخطر على بالها أنها لن تتمكن من السير مجدداً، ولم تتوقع أن تحتاج لمن يخدمها ويلبي لها أبسط احتياجاتها، صرخت في أعماقها: أنا..... هل يمكن أن أصل إلى هذه الحال، انا الذي اعتنيت بأطفالي جميعاً، أنا التي قمت بكل ما قمت به إلى الآن، حتى هذه اللحظة. أيعقل أن أصل إلى ما وصلت إليه؟
هناك أدركت أن الحياة قصيرة، ومن هناك بدأت من جديد.
أعلم أنه يبدو أنه قد فات الأوان ولكن لا يهم فما زال هناك بعض الوقت.
آلو مرحبا، وهكذا كلمت الصديقات القدامى، أنعشت كل تلك الذكريات القديمة، تلك التي أهملتها وسط زحمة حياتها، زحمة حياتها التي ملأها ما هو مهم وما هو تافه إلى الدرجة التي لم تتمكن من التمييز بينهما.
دعت الجميع حولها، كلمات الشكر والثناء، كلمات التعزية والشعور مع الأحزان، كلمات التشجيع، وأحياناً التوبيخ والتحذير، كلها نطقت بها ..... من هناك من المكان الذي لم تتوقع أن تصل إليه يوماً ما.
لا لم يفت الأوان، أرتدت تلك الملابس الجميلة ودعت صديقتها لتسريح شعرها وتزيين بشرتها، أريد أن أبدو في مظهر جميل. لا لم يفت الأوان.
شعرت بالندم، كم أهملت علاقاتي، كم فوّت فرصاً في حياتي، وكتبت لائحة أمنياتها، وسجلت ما يهوى قلبها وما تستمتع بعمله. أعطوني الكمان، فهذا الذي كنت أعزف عليه قد امتلأ بالتراب، آه كم أتمنى أن تعود تلك الأيام وبدأت بالعزف، ورأت أنها فقدت الكثير ولكن قلبها ما زال ينبض فهذا ما كانت تحب وما كانت تستمتع به. ولكن مرت سنوات عديدة جعلتها تعمل ما يجب وما مفروض ولكنها أبداً لم تعمل ما تحب وما على قلبها.
أعطوني قلمي ودفترالذكريات، آه كم من أحلام فقدتها في زحمة الحياة، فحتى قلمها جف، فلم تعد تكتب المذكرات، قرأت مذكراتها ومشاعرها وبكت، آه كم فقدت الكثير، ولكن لم يفت الأوان، وما زال هناك وقت.
هذا هو الكابوس الذي أيقظها كي تعلم أن الحياة قصيرة، أقصر مما يمكننا أن نتوقع .....وما هو الخيار أمامنا، أنحيا لحظاتنا متأكدين أن هناك الكثير من الأيام أمامنا لنعمل ما نريد، فنؤجل، وندخر، ونخشى المستقبل، ونفكر ونهتم إلى الحد الذي معه نفقد متعة اللحظات، أم نحيا يومنا مدركين أن حياتنا إنما هي بخار يظهر ثم يضمحل. فنحيا من أجل هدف أسمى، ونعمل ما على قلبنا، ونقول لا للتفاهات ونحيا من أجل ما هو مهم، ونعطي ونستمتع ونحب ونمرح ونضحك ونفرح فالحياة اقصر مما نتخيل، وهناك في ذلك المكان، يمكن لكل واحد منا أن يصل دون تمييز بين الأعمار أو الصحة أو ...... 

red rose shallow focus photography

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل بطاريتك مشحونة؟ جزء 1

همّ البنات للممات

عالسريع