المشاركات

عرض المشاركات من 2011

دائرة الراحة أم المغامرة

صورة
هل في كل مرة تذهب إلى مطعم تجد نفسك تطلب نفس نوع الطعام، وعندما تشتاق لشرب كوب من القهوة تجد نفسك تختارها كالعادة أمريكية بدون سكر وبدون حليب، وهل اعتدت أن تجلس على نفس الكرسي على مائدة الطعام؟ وهل هناك مكان مخصص لك عندما تذهب لزيارة عائلتك، مكان كأن لك "قوشان" مسجل باسمك؟ كل منا له مكان للراحة، نرتاح في الحديث مع أشخاص معينين، ونرتاح في التكلّم عن مواضيع معينة، نستمتع بإتمام المهمات بأسلوب معين، وهناك أوقات نشعر بالراحة فيها لممارسة نشاطات أو هوايات دون أوقات أخرى. إنها دائرة الراحة، الدائرة التي نحاول أن نبقى فيها، ونتجنب الابتعاد أو الانحراف عن محيطها، الدائرة التي فيها تكون ضربات قلبنا معتدلة، وتفكيرنا هادىء، ومشاعرنا مستقرة. لكن لا يكفي أن نبقى هناك في ذلك المكان ومع هؤلاء الأشخاص وبتلك الأفكار، لا بد من أن نخرج من دائرة الراحة، ومن هناك ننطلق لنبدأ مغامرة جديدة. الحياة ممتعة أكثر مع المغامرة، ولك نصيب أكثر من النجاح مع المغامرة، أكثر مما أن تبقى في دائرة الراحة الخاصة بك والمكان الذي يروق لك. ابحث عما يتحداك، شخص ما يجعلك تفكّر خارج الصندوق، مهمة ما تجعلك تخرج

موظفون مدربون

صورة
عندما تأتي إليه يستقبلك بابتسامة ويسعى لإرضائك وتقديم أفضل خدمة لك، إنه يريدك أن تخرج من المكان وفي داخلك رغبة كبيرة في العودة مرة أخرى، وفي ذهنك وقلبك ذكرى جميلة عن المكان. يدهشني هذا النوع من الموظفين، فهم موهوبون، يجعلونك تشعر بالراحة وأنت تتسوق، ويتسببون في رابط قوي مع ذلك المكان مما يجعلك تقاوم الشراء من أي مكان آخر، وإن كنت تتناول القهوة فلها طعم مميز، والطعام له نكهة خاصة، وحتى المال الذي تدفعه مقابل خدمة أو سلعة فتدفعه وأنت مسرور حتى وإن ارتفعت الأسعار قليلاً. عندما أتسوق في أماكن أخرى أو أتناول الطعام أو أجلس مع صديقة لشرب القهوة فإنني أجد الفرق الشاسع، ودائماً ترن في ذهني كلمة "التدريب" كإجابة على تساؤلي ودهشتي، فلا بد من أن هذا النوع من الموظفين قد نالوا تدريباً مميزاً، ولم يترَكوا هنا في المحلات وحدهم دون أي تأهيل، ولن يمروا بمثل ما مررت به مع موظف عندما سألته عن مكان صنع تلك المدفأة أجابني: لا أعلم فإن هذا أول يوم لي وأنا وحدي، أو تلك الفتاة التي سألتها عن موعد بدء سرد القصة دهشت وقالت لقد وصلت للتو للعمل هنا وليس لي أدنى فكرة إن كان هنا ما تقولين عنه سرد قصص،

"حياتي رجيم"

صورة
قالت عنها صديقتها: "من يوم ما عرفتها وهي بتعمل رجيم". وآخر عن زوجته: "يمكنني عمل مجلدات من برامج الرجيم التي تجمعها زوجتي". وهي عن هو: "أمور لا تصدّق سمعتها عن أنواع الرجيم التي جرّبها، من أعشاب وأنواع شوربات وبطاطا كل اليوم وموز لأسبوع وأنظمة غريبة عجيبة." لا بد أن الكثير منا قد جرّب أحد أنواع "الرجيم" تلك. ولكن منا من يعيش حياته كلها وموضوع "الرجيم" مسيطر على ذهنه، وأنواع الأنظمة الغذائية تشغل فكره. ولكن السؤال: هل تمكّن في النهاية من الوصول إلى النظام المناسب له، النظام الذي يساعده في الحفاظ على رشاقته أو الأصح على صحته؟ استمع لمجموعة من الصبايا والسيدات وهن يتحدثن عن الرجيم، هذا طبعاً في جمعتهم التي يتخللها مائدة كبيرة من المشهيات، من حلويات غنية بالدسم والسعرات الحرارية، والموالح والمعجنات والتبولة وغيرها الكثير الكثير، وما إن ينتهي الحديث حتى تمتلىء الصحون وتبدأ عملية الأكل التي تحتاج في النهاية إلى بعض من أقراص النفخة والحرقة أو مجرد كأس من الأعشاب المهضّمة. أما الشباب فلهم نفس الحكاية يقررون ممارسة الرياضة، فبعد أن تسير ال

يركضون إليك لتشتري ويتهربون منك بعد ذلك

صورة
تجده لطيفاً معك، ويحاول أن يرضيك ويترك لديك انطباعاً جيداً، ولو سألته سؤالاً لأجابك الإجابة التي تجعلك مرتاحاً له وللمنتج الذي يبيعه. معه لا تحمل أي هم، مكفول لعدة سنوات، طبعاً هذا إن احتجت لاستخدام الكفالة، فهو من أجود وأفضل الأنواع. هو مصدر راحتك وهو الأفضل في الجودة والسعر، لا يمكنك أن تتردد لحظة في الشراء. هيا! تجده يشجعك على الشراء مثلاً هذه الغسالة أو هذا الهاتف أو تلك اللعبة الإلكترونية أو هذا السرير أو تلك المخدة، وداعاً للشخير مع تلك الوسادة، ووداعاً للملل مع لعبة الأطفال تلك، ووداعاً للأكل المحروق مع تلك الطنجرة. هيا لا تتردد هو يقبل الشيك أو الفيزا أو أي وسيلة دفع، فقط قم بالشراء. وإن لم تشترِ فقد يذكرك بنفسه وبمنتجه من خلال رسالة إلكترونية أو نصية أو مكالمة هاتفية. لن يتركك سيلاحقك ويحاصرك إلى أن تقبل عرض الشراء. وبمجرد أن تدفع وتتم الصفقة، يتبدل الحال، فبعد أن كنت ملاحقاً منه ستصبح أنت الملاحِق له، وبعد أن كان لطيفاً معك تصبح أنت لطيفاً كي تتمكّن من الحصول على ما يسمونه "خدمة ما بعد البيع". بالنسبة لي تلك الخدمة هي مجرد وهم، فإن تعطلت الآلة يقال هذا سوء استخد

"قدّيش ظايل؟"

صورة
"قديش ظايل؟" أي "كم تبقى؟" إنه السؤال الذي أتعرّض له عدة مرات في اليوم، فكريم البالغ من العمر 7 سنوات، هو الذي يطرح هذا السؤال. يسأله عدة مرات ونحن نقوم بعمل الواجبات المدرسية، فهو في لهفة للانتهاء كي يقفز من مكتبه لينال وقته الحر سواء في اللعب أو مشاهدة التلفاز أو محاولة الاتصال بالأصدقاء لدعوتهم للعب معه، كما ويطرحه عدة مرات في أثناء الانتقال بالسيارة لمسافات طويلة أو وسط الازدحامات المرورية التي تطيل مدة الرحلة القصيرة. أحياناً أملّ من السؤال لأنني لا أجد له الإجابة، فخمس دقائق مثلاً أو "عدّ للمئة" أو "بعد شوي" أو ... هي بعض الإجابات ، وإنني في بعض الأحيان أعجز عن أن آتي بإجابات أخرى أكثر إبداعاً. أما نحن "الأكبر سناً" و"الأنضج" و"الأكثر علماً" و"أصحاب الخبرة" فما زلنا نسأل نفس السؤال "كم تبقى من الوقت "للتقاعد؟" أو "للحصول على ترقية؟" أو "للحصول على معاملة الهجرة؟" أو "لتخرّج الأولاد؟" أو "لسداد القرض؟" أو لـ............ قائمة طويلة من الأمور

الفشل، نوعان من الحجارة

صورة
كلنا نفشل ونتعثر ونسقط، فليس أي منا معفى من الفشل، ولم يحصل أي واحد منا على مطعوم يحميه من التعثر، ولم يتمكن أي منا أن يتخلص من سقطاته التخلّص التام. فما لنا إلا نقبل هذا الواقع، نقبله ليس بسلبية واستسلام، إنما نقبله كواقع من مسيرتنا في الحياة، وفي رحلة سيرنا نحو النجاح. فالفشل حجارة نتعثر بها أو تلقى علينا أو نسقط فوقها، ومهما تعددت أنواعه واختلفت أشكاله فهو فشل وإخفاق وتعثر، هذا نوع من الحجارة كلنا تعرضنا له وواجهناه، أما النوع الثاني من الحجارة فهو النوع الذي نجمعه ونصنع منه مرتفعاً أو جسراً أو درجاً عليه نصعد نحو طريقنا للنجاح. يقود سيارته ويقطع بها المسافات الطويلة، وها قد مضت سنوات طويلة نسي معها أنه فشل في امتحان قيادة السيارة عدّة مرّات، وها هي تتخرج من الجامعة بشهادة عليا مضت عدّة سنوات نسيت معها أنها قد فشلت في امتحان الثانوية العامة عدّة مرات، تمكّن من إنهاء رسالة الماجستير رغم أنه أراد الانسحاب عدّة مرات فمواضيعه لم تنال قبول أساتذته والظروف التي واجهته كانت صعبة، وها قد حصلت على شهادتها الجامعية وعائلتها وأطفالها الثلاثة يحضرون احتفال تخرجها، لقد تمكنت من التخرج رغم

"إعادة التدوير" أم "التدوير"؟

صورة
لست أدري لماذا أشعر بالذنب في كل مرة ألقي فيها أوراقاً أو كرتوناً أو مواد بلاستيكية في سلة المهملات، أعلم أن هذه النفايات تتجمع وتلوث البيئة، مسكينة تلك البيئة كم تتحمل، وكم تتحمل أكثر مع ازدياد كل تلك النفايات. فقد كثرت وجبات المطاعم ووجد الناس راحتهم في استخدام الأطباق والأكواب والمواد التي تستخدم لمرة واحدة، وماذا عن الجرائد والمواد الدعائية التي تعددت وتنوعت وكثرت إلى حد كبير. قررت.... نعم قررت، لن أقوم بإلقاء النفايات مجدداً، الحل هو إعادة التدوير، نعم الأمور الصغيرة يمكن أن تحدث فرقاً، هذا ما كنت أفكر به. سأجمع كل الأوراق والأكياس والكرتون وسألقيها في الأماكن المخصصة لإعادة التدوير، فقد اكتشف مكاناً قريباً من منزلي، وآخر قريب من مدرسة ابني. لمَ لا؟ لم لا أقوم بعمل فيه أحدِث فرقاً! فهذا ما كنت أذكّر نفسي به: الأمور الصغيرة تحدث فرقاً. وبدأت بالعمل بالفعل، وخلال بضعة أيام أصبح لدي كمية معقولة من المواد التي جمعتها وتوجهت لألقيها في الحاوية، شعرت بالراحة بعدها. وأصبح هذا ضمن برنامجي، وكنت أنوّع في الأماكن التي كنت ألقي فيها المواد، ولكن في إحدى حاويات إعادة التدوير تفاجأت بأ

المتقاعد القاعد

صورة
يجلس على شرفة منزله، ويمكنك أن ترى الدخان المتصاعد من السيجارة التي يفصل بين الواحدة والأخرى أقل من نصف ساعة. وآخر تجده يتمشى في الصباح الباكر جداً نحو بقالة قريبة لشراء الجريدة ويعود إلى شرفته مرة أخرى مع فنجان القهوة العربية، وآخر تجده يتمشى ذهاباً وإياباً أمام مدخل بيته، ولعدة مرات، يدهشك هذا فهو إما أنه يمارس نوعاً جديداً من الرياضة أو أنه غارق بالتفكير في أمر ما يشغله. يمكنك أن تتصادف مع مثل هؤلاء في كل يوم، وما يميّزهم كذلك الكثير من الشيب وبعض التجاعيد، ومن خلال حديث قصير معهم يمكنك أن تكتشف أن كل منهم هو كما أسميته "المتقاعد القاعد". التقاعد، تلك المرحلة التي يشتاق لها الكثير من الموظفين، فتجدهم يقولون: "متى أتقاعد؟ الجميل في الأمر أنني سأحصل على الراتب وأنا "قاعد". هذا هو التقاعد بالنسبة لهم. شعور جميل فلا استيقاظ مبكر ولا مرور في الأزمة الخانقة ولا "نكد" المدير أو "غيرة" الزملاء أو التعب والإرهاق. ولكن عندما يأتي التقاعد بالفعل وتأتي معه "القعدة" تجد الأفكار قد تغيّرت فاليوم طويل والملل كبير والفراغ ليس هناك ما

وظيفة النقود أم وظيفة بلا قيود

صورة
ألهذا كل التعب ولمدة شهر كامل؟ أهذا هو ما تطمح له وتسعى لأجله؟ مبلغ من المال يودع في حسابها في نهاية كل شهر؟ ألهذا درست وتعبت؟ تلك هي الأسئلة التي تدور في ذهن الموظفة الجديدة الطموحة بعد بضعة شهور من عملها. هل هذا ما كانت تريده؟ وظيفة من أجل النقود، وظيفة هدفها ودافعها وطموحها فيها هو الراتب في نهاية الشهر. أم هي الوظيفة التي لا تعرف الحدود، الوظيفة التي لا يكون أولويتها القصوى الحضور على الوقت وغياب المغادرات والإجازات المرضية والتأخيرات من ملفها الوظيفي؟ هي الوظيفة التي تسعى نحو الإبداع وتعتبر المكان الذي تعمل فيه مكانها وتشعر بانتماء لا حدود له، هي الوظيفة التي لا يحدّها أوقات العمل بل التي تنشغل بها خلال وقت العمل وخارجه. هي الوظيفة التي لا تكتفي بإتمام قائمة الأمور الواجب إنجازها بل تذهب إلى ما وراء ذلك بتفكير خارج الصندوق وإبداع ما هو جديد. هي الوظيفة التي لا تعتبرها وظيفتها بل تعتبرها مكانها حيث تنمو وتتطور وتتقدّم لما هو أفضل كي تقدّم ما هو أفضل. هي المكان الذي تتصرّف فيه على طبيعتها وتشعر بسلام وهدوء يكتنفها. هي الوظيفة التي لا تشعر أنها موظفة تعمل لحساب أحدهم بل هي المكا

الكلمات السحرية

صورة
يتعلّم أبناؤنا كلمات يسمونها الكلمات السحرية وهي: شكراً، آسف، لو سمحت. ولكن عندما يكبر الصغار تجدهم أحياناً ينسون تلك الكلمات، فلم تعد "الماما" تقول لهم: لن أعطيك هذه اللعبة إلا إذا تذكّرت الكلمة السحرية، والتي بعدها يقول الولد شكراً ويأخذ اللعبة ويجري مسرعاً. الكبار ينسون تلك الكلمات بل وينسون مدى أهميتها وسحرها. الأم التي تجري وراء طفليها التوأم وتحاول تسليتهم وتخفيف الأضرار الناتجة عن حركتهم بأكبر قدر ممكن، تحتاج لكلمة سحرية: شكراً على تعبك، شكراً على سهرك، شكراً لأنك تضعين نفسك أولاً لدرجة أنك تنسين نفسك، شكرا ً لأنك تختصرين الكثير من ساعات نومك لتمنحي عائلتك نوماً هادئاً وحياة هانئة. الطفل الذي يدرس وتتعب يده وهو يكتب واجباته المدرسية يحتاج أيضاً لشكراً على تعبه، وشكراً على اجتهاده وبذله كل جهده، حتى لو كانت العلامة التي حصل عليها أقل من توقعاتنا نحن الأهل المثاليين الذين نريد أن يكون أبناؤنا الأوائل والمتفوقين على الدوام، فنحن كنا كذلك، وإن لم نكن في الحقيقة فإننا نريد أن نعوّض هذا في أبنائنا، فلنقل لهم شكراً وكفى. وماذا عن وجبة طعام شهية نأكلها كل يوم، أو بيت م

طبخاتي وطبخات أمي وحماتي

صورة
ه ذا هو الجدول الأسبوعي لطبخات أمي وحماتي: السبت: مقلوبة زهرة، الأحد: كوسا وورق (يتم لف الورق وحفر وحشي الكوسا في اليوم السابق)، الاثنين: مجدرة لأنه يوم التعزيل وهذه أكلة سهلة، الثلاثاء: ملفوف، الأربعاء: باميا، الخميس: صيادية، الجمعة: منسف. أما جدولي فهو: الجمعة: مدعوين على منسف أمي أو كوسا وورق حماتي، الأحد: تسخين التبرويرات التي أحضرناها من العزيمة، الاثنين: مجدرة، الثلاثاء ونسميه يوم الراحة من الطبخ: بيتزا (من أعزائي خدمة التوصيل المجاني)، الأربعاء: نجت الدجاج أو أي من المنتجات الأخرى (دائماً أدعو له بالخير السيد نبيل على هذا الاختراع)، الخميس: ملوخية. لماذا كل هذا الاختلاف بين جداولنا، لست أدري؟ الكوسا والورق أعتقد أن تلك الأكلة ستنقرض عن قريب، وما يضحكني أن ابني البالغ من العمر 7 سنوات والذي يعشق الملوخية يظن أن الورق هو ملوخية ملفوفة! جيد أنه يعشق الملوخية ولا يعشق الورق. وماذا أقول عن المطاعم، إنه المشروع الذي لا يمكن أن يفشل، فالكثير من الناس هذه الأيام يأكلون في المطاعم أكثر مما يأكلون في منازلهم. أهو عصر السرعة أم هو الجيل الكسول أو "النايط" كما يصفنا الجيل

مبروك الشارع

صورة
"لحظة، بس ثانية أجيب ربطة خبز من المخبز." هكذا يفكَر من تجده قد ركن سيارته تقريباً في نصف الشارع. إياك أن تظن أنه اشترى الشارع حديثاً وتقول له: مبروك الشارع. إنها مجرد لحظة، لحظة لشراء ربطة الخبز. قم بإلقاء نظرة في الشارع وتأمل ما حدث فتلك السيارة العالقة وراء صاحبنا قد قررت التجاوز، وهناك في تلك البقعة يمكنك أن تجد أن السيارات قد علقت، فتلك تحاول الاتجاه يميناً في نفس المكان الذي فيه تحاول أخرى الخروج من موقفها، كل هذا بسبب ربطة الخبز. وها قد جاء ورأى "الهيصة" فرفع يده ومعه ربطة الخبز ودخل سيارته مسرعاً. واندفع بسيارته مسرعاً تاركاً الهيصة وراءه. "مش قادر أفتح عيوني، بس أجيب فنجان قهوة من هالمحل." هكذا فكّر من تجده قد ركن سيارته وراء سيارتك. وعندما تخرج من عيادة الطبيب مستعجلاً للذهاب لشراء الأدوية كي تتمكن من التخلص من ذلك الفيروس المزعج الذي عطّل مشاريعك وأضعف من إنجازك، فإنك تفاجأ بأنك محاصر من الخلف ولا يمكنك التحرّك، كل هذا بسبب فنجان القهوة. ماذا تقول له عندما يأتي ومعه فنجان القهوة وهو يرفع يده معتذراً، أو أحياناً رافعاً صوته: "شو صار خربت

حلوة أم محلاة

صورة
والحلوة هي التي حلاوتها كامنة فيها وليست مضافة لها، أما المحلاة فحلاوتها تأتيها من خارجها وتضاف لها. هكذا نحن الصبايا والشابات منا من هي حلوة، حلوة في ابتسامتها، أو حلوة في بساطة تعاملها، أو روحها المرحة، أو محضرها المريح أو كلماتها المشجعة، حلوة في علاقتها مع زوجها وأمها وحماتها وأطفالها وأولاد الجيران وحتى الحفاة عند الإشارات الضوئية. ومنا من هي المشغولة بإضافة الحلاوة، فتلك تقضي الساعات الطويلة في بيتها وعند مصفف الشعر وخبيرة البشرة والطبيبة الجلدية وغيرهم ممن يعملون معاً لجعلها تبدو في أحسن حال، وتحتل كل تلك المحليات بنداً كبيراً في ميزانيتها. ليس هذا فقط بل إن كل هذا إنما يستحوذ على فكرها ويأخذ معظم وقتها ويجلب التوتر لأهل بيتها فتمتزج الأولويات ويختل التوازن في حياتها وما هو مرتبط بها. نحن الصبايا والشابات واللواتي ودّعن الشباب من سنوات عمرهن ولكن ليس من قلوبهن، نحن جميعاً لنا من الحلاوة نصيب. وليس هناك من هو محروم منها. ولكن المهم هو أن نعرف ما الحلاوة التي فينا بالضبط، فنستمتع بها ونفتخر بها ونشكر الله عليها، ونتأكد أنها ما تميزنا دون مقارنة أنفسنا بغيرنا كي لا نشعر بالفوقي

"زهقان".

صورة
إذا كنت أباً أو أماً وكان لديك أبناء في عمر المدرسة، فلا بد أنك سمعت هذه الكلمات مرات كثيرة، ومرات أكثر خلال الثلاثة الشهور التي مضت في العطلة الصيفية. الفشل في إيجاد ما يمكن أن يملأ وقتنا ويستغل لحظاتنا هو الذي يجعل أبناؤنا يشعرون بالملل. أهو بسبب أننا نقودهم ونرشدهم للأمور التي يجب أن يفعلونها، وعندما لا يكون لدينا ما نقدّمه لهم بسبب غياب الواجبات المدرسية فهم يشعرون بالملل؟ أم هو لأننا لا نحمّلهم مسؤوليات واضحة عليهم القيام بها، ونفوّضهم التفويض الكامل فيها، فليس أمامهم أي شيء يفعلونه؟ أم لأننا مثالهم الأعلى بـ"الزهق" فلا يسلّينا غير التلفزيون الذي نجلس أمامه في ارتخاء ونتابع مسلسلاته وبرامج مسابقاته والكثير مما يقضي على وقت فراغنا الممل؟ أيشعرون بـ "الزهق" لأنهم اتخموا من كثرة الألعاب والمسليات في المنزل حتى أنهم لم يعودوا يستمتعون بها؟ أم لأننا نحن وهم قد فقدنا الإبداع في اكتشاف مواهبنا واستغلال إمكانياتنا بما لدينا من وقت؟ ماذا نفعل مع مشكلة "الزهق" هذه؟ أعتقد أننا نحن وأبناؤنا كذلك بحاجة إلى بناء عادات تصبح أسلوب حياة لدينا. فللرياضة وقت وللأ

يوم من تلك الأيام

صورة
يوم جديد بدأ مع ذلك الصوت المعتاد، الصوت الذي ينقلني من حالة مريحة من اللاوعي من نحو ما يدور حولي إلى حالة اليقظة التي تذكّرني بالدنانير المخصومة من راتبي بسبب تأخري تلك الدقائق الأولى الثمينة في حياة الشركة التي أعمل بها٠ فأنهض بل و(أفط) في لحظة من سريري بعد سماعي صوت المنبه المعتاد. أنهض في تثاقل كالعادة، أنهض وأُنهِض معي مللي الذي يرافقني كل يوم على مدى تلك السنوات الطويلة. أكلّ هذا لأنني حُرمت من التعليم الجامعي لظروف اخترتها وأخرى لم أخترها، ولأسباب كان لي دور بها دون وعي مني وأخرى بسبب ذلك "الحظ" السيء. على أي حال فها أنا أعمل وهذا أفضل من حال الكثيرين العاطلين عن العمل بل الشاعرين بملل أكثر مما أشعر به. بدأت رحلة السرعة في الاستعداد لأن "حظي" اليوم لا يمكن أن أتكهن به. فقد تكون الإشارات كلها حمراء أو قد تتأخر جميع الحافلات أو قد يرفض كل سائقي التكسيات إيصالي إلى منطقة عملي المعروفة بأزمتها الخانقة. ويبدأ يوم جديد، وها العشر ساعات تمر ببطء شديد، وما لي إلا أن أسلي نفسي بتغيير رنات الموبايل أو تفقد رسائلي النصية أو ببعض المكالمات مع صديقاتي الشا

في عيونها

صورة
في عيونها رأى توقعاً، انتظاراً لكلمة ما، للمسة ما، لمبادرة ما. في عيونه رأت انشغالاً، انشغالاً بعمل، بصفقة، بأصدقاء، بمشغوليات. حاول أن يبعد عيونه عنها كي لا تكشفه فهي ذكية، وكل حواء ذكية في قراءة لغة العيون، يمكنها بسهولة وبنظرة خاطفة أن تعلم ماذا هناك، وإن لم تعلم تماماً فقد يكون لها بعض الاحتمالات والتي واحد منها صحيح. أما هي فحاولت أن تنظر في عيونه كي يقرأ ما تقول، فهناك في عيونها الكثير من الكلام أما هو فمسكين يجهل لغة العيون، لم يتعلّمها ولا يعلم إن كان يدرك ولو القليل منها. نظرت إليه مجدّداً، أما هو فابتسم وهز رأسه. ظننته تجاهلاً فحزنت. رأى حزنها ولم يفهم. فابتسم لها وهز رأسه، وتابع مسيرته وما بها من انشغالات. أما هي فما زالت عيونها تنظر في عيونه، وهو ما زال يبتسم ويهز رأسه. هو لا يعرف لغة العيون، وهي فائقة الاحتراف بتلك اللغة. هي، نطقت وتكلمت وسكبت ما في قلبها. هو، استمع لكلماتها ونظر في عيونها فكلماتها شرحت نظراتها ففهم، وطار الانشغال من عيونه، ابتسم وهز رأسه ولكن هذه المرة وهو ينظر في عيونها، لم يتمكن هذه المرة أن يهرب من عيونها. فإن تمكنت عيونه أن تهرب، فأذناه هن

في دنيا المسميات

صورة
في جولة مع عالم متخصص في النباتات أدهشتني قدرته الفائقة في تسمية النباتات التي كنا نمر بها، كان يذكر أسماءها باللاتينية من مقطعين وكان يتبعها ببعض المعلومات السريعة التي يتوقف عندها ليذكر اسم النبتة التالية التي مرّ بها. وفي جلساتي مع أشخاص متعددين أدهشني كذلك قدراتهم الفائقة في إطلاق المسميات. فلان بخيل وفلانة متكبرة وذاك النكد وتلك هاوية المشاكل. يدهشني كيف يلّخصون حياة إنسان بما فيها من نجاح وفشل، وما بها من تحديات وإخفاقات في مجرد كلمة واحدة. يدهشني كيف تطلَق الأحكام ويعلَن الصمت بعد الحكم تأييداً للحكم من كافة الأطراف المعنية وغير المعنية. يدهشني هذا فأصمت وأتذكّر عالم النباتات وقدرته الفائقة التي جاءت بعد سنوات من الدراسة تشهد لها شهاداته العديدة المعلّقة على حائط مكتبه المتواضع. أما هم فمن أين لهم تلك المؤهلات؟ ومن منحهم الحق في إطلاق الأحكام؟ وهل من أدلة على تلك المسميات التي يطلقونها؟ فما كان لي غير الصمت. الصمت في دنيا المسميات، والتي لربما وضع لي البعض مسمى يلخص حياتي. فعلاً إنها دنيا المسميات.

ماذا يوجد في شنطتك؟

صورة
أثارت فضولي تلك الشنطة التي كان يحملها، فقد كنت أراه منذ عدة سنوات وهو يحمل شنطة بنفس الحجم وبنفس اللون، والتي ربما كان يستبدلها بأخرى جديدة بسبب اهترائها بعد عدّة سنوات من الاستخدام. كنت دائماً أتساءل ماذا يوجد في هذه الشنطة. كنت أرى الكثير من علامات الاستفهام حول الشنطة وكنت أتخيّلها محاطة بهالة من الغموض. هذا ذكّرني بأستاذ منذ أيام المدرسة، كان يدخل إلى الصف وهو يحمل شنطة، لم نرَ ما في الشنطة طول السنوات التي كان يدرّسنا فيها. كنت أنظر دائماً إلى الشنطة وأتساءل ما الذي يمكن أن تحتويه. كان الفضول وعلامات الاستفهام يحيطان بها. لكل واحد منا "شنطته" الخاصة التي يراها الجميع وعلى مدى سنوات عدة من التعامل معه، "شنطة" مثار استغراب، و"شنطة" محاطة بهالة من الغموض ومجموعة كبيرة من علامات الاستفهام. تلك "الشنطة" هي التي تجعل الآخرين ينظرون لنا باستغراب، وتجعلهم يفكرون كثيراً بالطريقة التي بها يتعاملون معنا. ولكنني قررت وسألته: ماذا يوجد في الشنطة؟ بدأ يفرغ محتوياتها وضحكت فتلك مجموعة كبيرة من المفاتيح والتي جعلت من المنطقي أن يحمل شنطة ليضعها

جهاز العروس وجهاز الدروس

صورة
حان موعد الزفاف وهكذا بدأت التجهيزات، قائمة طويلة من المشتريات، تلك عصارة كهربائية معها لا تحتاج إلا أن تضع نصف البرتقالة وهي تقوم بالباقي وخلال دقائق يكون عصير البرتقال الطازج جاهزاً. وتلك عصارة مخصصة للجزر يمكنك الاستغناء عن شراء عصير الجزر المعلب والاستمتاع بعصير الجزر الطازج في منزلك. وماذا أيضاً طقم المعالق والشوك الفاخر والصحون والأكواب المذهبة، وأداة لحفر الكوسا وأخرى لعمل أشكال من الخيار والبندورة، والكثير والكثير مما يسهل عمليات إعداد الطعام . قاربت العطلة الصيفية على الانتهاء وها المدرسة على الأبواب. قائمة طويلة من المشتريات. لا بد من الشنطة مع بداية العام. تلك بعجلات وأخرى طبية تقيك من آلام الظهر الذي يمكن أن تسببه الأوزان الثقيلة من الكتب المدرسة. هذه زهرية وتلك بنفسجية، هذه للأعمار من 6- 8 سنوات وتلك لعشاق سبايدرمان وصديقنا الجديد سبونج بوب. يمكنك أن تحتار وأنت تختار، ولكن لا بد من الخيار، فالأسعار تتفاوت وهناك المعارض والعروضات. ليس ذلك فقط فهناك المحايات تلك بغطاء خاص يحمي المحاية من أن تتفتت وتتسخ، أما براية الأقلام فلتلك حكاية أخرى فهناك الكهربائية التي تبري

القلب الذي يتسع الكثير

صورة
أدهشتني تلك الأمومة، الأمومة التي تملك قلباً كبيراً. ذلك القلب الذي يتسع أكثر مما نتخيل. يتسع لطفل صغير لا يعرف إلا أن يأكل وينام، وليس لديه وسيلة للتعبير غير البكاء. ويتسع كذلك لمراهق يتغير ويبدو أنه شخص غريب الأطوار يود لو أنه يرحل إلى الفضاء. إنه القلب الكبير. القلب الذي ابتدأ بمحبة زوج، والاهتمام بأمره. ومع أطفال ثمرة هذا الزواج، تجد ذلك القلب يكبر ويتسع، أهذه معجزة تترافق مع عملية الولادة والرضاعة أم أنها شيء في أعماق الأنثى منذ أن تولد ولكنه يظهر فيما بعد؟ لست أدري، ولكن ما أعرفه أنها تملك ذلك القلب الكبير. القلب الذي يمكنه أن يتغاضى عن كل تعب الجسد ويتجاهل احتياجاتها الأساسية ليقدّم ويعطي. إنه القلب الذي يمكنه أن يمنح أكثر بكثير مما يأخذ، إنه القلب الذي يقدّم دون توقّع المقابل. إنه القلب الكبير. ولكن المعجزة في الموضوع ليس ذلك القلب الكبير إنما القلب الأكبر الذي منح ذلك القلب كل ما عنده، أنه قلب الله المحب. إنه الذي يمنح تلك الأم الغريزة والمشاعر والعواطف. إنه من يدفعها إلى الأمام لتبذل نفسها دون مقابل. إنه من يمنحها القوة والطاقة، إنه من يسمع صلاتها وبكاءها وأنات قلبه

لست وحدك

صورة
أراهم يقضون العديد من الساعات في الإطلاع على المجلات التي تحتوي على صور حفلات ومناسبات، وأراهم يقضون ساعات أطول على المواقع الإلكترونية التي تعرض أخبار من يعرفونهم وليس ذلك فقط بل هم يستخدمون كل الوسائل الحديثة للتحاور مع من يعرفونهم ومن لا يعرفونهم. يفعلون ذلك من وراء الكواليس. من مكان خفي في غرفة نومهم أو من مكاتبهم أو مراكز عملهم أو حتى من المطاعم أو المقاهي الإلكترونية. إن ذلك إنما هو دليل على ذلك الشوق والتوق والرغبة الشديدة في داخل كل إنسان. إنه الرغبة في العلاقات. فحياتنا جميعاً إنما هي سلسلة طويلة لا تنتهي من العلاقات. فالزواج علاقة زوج وزوجة، والأمومة علاقة أولاد مع أمهم، ولولا تلك العلاقة لما كانت الأم أماً ولا الأب أباً. عندما نستعرض العلاقات في حياتنا نراها تمتد منذ أن نولد إلى أن تنتهي حياتنا. فعلاقة الطفل الرضيع بأمه التي تعتني به إلى علاقة الطالب مع مدرّسته في المدرسة إلى الصداقة القريبة التي قد تستمر إلى سنين طويلة ومن ثم نوع جديد من علاقة الابن مع والديه بعد أن يكبروا ويشيخوا. ولكن لماذا يحدث كل هذا في الخفاء ومن وراء الكواليس؟ ما علينا إلا أن نقول إننا نحتاج،

هناك على فراش الموت

صورة
هناك على فراش الموت، هناك في ذلك المكان الذي لم تفكر في حياتها لحظة أنها ستكون فيه، لم يخطر على بالها أنها لن تتمكن من السير مجدداً، ولم تتوقع أن تحتاج لمن يخدمها ويلبي لها أبسط احتياجاتها، صرخت في أعماقها: أنا..... هل يمكن أن أصل إلى هذه الحال، انا الذي اعتنيت بأطفالي جميعاً، أنا التي قمت بكل ما قمت به إلى الآن، حتى هذه اللحظة. أيعقل أن أصل إلى ما وصلت إليه؟ هناك أدركت أن الحياة قصيرة، ومن هناك بدأت من جديد. أعلم أنه يبدو أنه قد فات الأوان ولكن لا يهم فما زال هناك بعض الوقت. آلو مرحبا، وهكذا كلمت الصديقات القدامى، أنعشت كل تلك الذكريات القديمة، تلك التي أهملتها وسط زحمة حياتها، زحمة حياتها التي ملأها ما هو مهم وما هو تافه إلى الدرجة التي لم تتمكن من التمييز بينهما. دعت الجميع حولها، كلمات الشكر والثناء، كلمات التعزية والشعور مع الأحزان، كلمات التشجيع، وأحياناً التوبيخ والتحذير، كلها نطقت بها ..... من هناك من المكان الذي لم تتوقع أن تصل إليه يوماً ما. لا لم يفت الأوان، أرتدت تلك الملابس الجميلة ودعت صديقتها لتسريح شعرها وتزيين بشرتها، أريد أن أبدو في مظهر جميل. لا لم يف

أبناء من نوع جديد

صورة
أبعد كل تلك السنوات، أبعد الشيخوخة، أبعدما غزا الشيب شعرها وبعدما ازدادت التجاعيد في وجهها، وضعف صوتها ووهنت قوتها، وتلف الكثير من أسنانها؟ وهو، أبعدما فقد معظم شعره وأصبح ما تبقى منه أبيض اللون، أبعدما فقد قدرته على قيادة السيارة، وبعدما تقاعد وترك عمله كمدير شركة، أبعد هذا العمر يكون لها أبناء من جديد؟ نعم، ولكنهم أبناء من نوع آخر. إنهم الأحفاد. لا بد أن العلاقة بين الأحفاد والأجداد هي من نوع فريد، فهي تختلف عن علاقة الآباء والأمهات الذي يرغبون الأفضل لأبنائهم، ويحملون معهم قائمة من القوانين، و"لا" و"ممنوع" و"ليس الآن" والكثير الكثير. ومع كل تلك المحبة والاهتمام والحرص يفقدون المرح والمتعة، ويلغون المزاح والضحك في كثير من المواقف. وبهذا يجدون المزيد من العناد في المقابل. وتختلف تلك العلاقة عن علاقة هؤلاء الأجداد مع أبنائهم منذ سنوات عدّة. فكانت تلك العلاقة ليس مجرد علاقة فحسب إنما كانت محاطة بالعديد من التحديات، فالعلاقات الاجتماعية والمشاكل المالية والاحتياجات والتحديات والمخاوف و.... كلها أحاطت بالعلاقة وضغطتها وشكلتها بهيئة جديدة. ولكن الآ

من البسطة إلى البسطة

صورة
من هناك من البسطة بدأ. وكيف يمكنه أن يفعل أكثر من ذلك؟ وما الذي يمكنه أن يقوم به مع تلك الإعاقة التي أصابته منذ صغره؟ ماذا يفعل وهو يفتقد للشهادة التي يمتلكها الكثير من أقرانه؟ فها قد حُرم كذلك من تعليمه وليس ذلك فقط ولكنه كان يشعر دائماً بأنه أقل من الآخرين ونفسه أمام نفسه هي دون. إحساس لم يتمكن أن يتخلص منه ولا حتى أن يهرب منه، شعور لاحقه سنوات عديدة، إلا أن جاءه الفرج، فقد فتح الدكان في كراج المنزل. لقد تخلص أخيراً من البسطة وها هو يجلس على كرسيه المتحرك ويجمع الأموال. كانت الحركة جيدة فطلاب المدارس المجاورة يهوون الشراء بعد انتهاء الدوام المدرسي، كما أن الأهالي كانوا يتناولون بضع الحاجيات التي راحت عن بالهم أثناء تسوقهم في المتاجر الكبيرة. صحيح أن الدكانة كانت صغيرة والبضائع المعروضة كانت قليلة إلا أنه كان يشعر بسعادة غامرة وهو يرى الطلاب. ومرت سنين عديدة، فها الأولاد يكبرون ويتغيرون، كان يراهم ويفرح قلبه، فذاك الطفل الذي كان يأتيه منذ عدة سنوات ها هو الآن بشارب، كم جميل هو الشعور. أحبه الجميع وهذا كان يُشعره أن تلك الدكان هي مكانه الذي كان يقضي فيه نهاره الطويل والذي ينتقل

بابا وماما والتكنولوجيا

صورة
منذ بضعة سنوات تبدّل الحال، فأصبحت تهنئة عيد ميلادي وذكرى زواجي تصلني برسائل نصية، ودعوات لقاء العائلة الكبيرة على الغداء تصل لنا من خلال رسائل على "السكايب". ليس ذلك فقط فالفيس بوك أصبح مهماً بالنسبة لنا كعائلة، فلا بد من أن هناك ما هو جديد، صور وتعليقات وأخبار. كل هذا كان من والدي الذي بحسب ما يُقال أنه من "كبار السن" فها هو على أبواب الثمانين. ولكن عدد سنوات عمره لم تقف عائقاً أمامه لكي يتعلّم ما هو جديد فيما يتعلّق بالتكنولوجيا. فبدّل جهاز الكمبيوتر بآخر محمول، والكاميرا الرقمية أصبحت ضرورة بالنسبة له، وطابعة وسكانر وفاكس وغيرها من الأجهزة بدأت تملأ البيت، لا تملأ البيت فقط ولكن تملأ وقته في تجربتها والإبداع في استخدامها. فها صور زواجه والكثير من الصور القديمة، تلك التي بالأبيض والأسود، حيث كان محظوظاً في تلك الأيام مَن كان يملك كاميرا، ها تلك الصور تتحول إلى عرض على الكمبيوتر. ويمكنك أن تجد البعض منها بين الحين والآخر على صفحته الخاصة على الفيس بوك. إن هذا ما دفع أخي إلى عمل صفحة للمعجبين به على الفيس بوك، فها عدد الـ " Fans " في ازدياد. وأكثر

إلا أنها تبقى ........

صورة
لقاءاتهم معاً، تلك ما كان يجعلهم ينسون كل همّ وكل ما يشغل بالهم، ففي جمعتهم معاً كانوا يقضون أحلى الأوقات. لم تكن تلك لقاءات مخطَط لها ولم تكن ضمن برنامج واضح ومنظم، فقد كانوا في كثير من الأحيان يذهبون للسير وتناول الساندويشات أو حضور فيلم سينما أو الجري في ملعب كرة القدم الكبير. إلا أنها كانت لقاءات لا يمكن أن تنسى. ومرت الأيام وتغيرت الأحوال إلا أن تلك اللقاءات لم تنتهِ بل استمرت ودامت، ولكنها مع مرور الوقت اتخذت طابعاً جديداً وشكلاً مختلفاً. وهناك من انسحبوا بعيداً فمنهم من سافر إلى خارج البلاد لدراسة أوعمل، ومنهم من جذبته الحياة بمشغولياتها ودخل في دائرة أخرى مختلفة. إلا أن هؤلاء رغم أن عددهم قلّ قليلاً عما قبل لكنهم ما زالوا معاً وها هم يذهبون معاً لتناول القهوة هذه المرة أو لسماع عازف العود في جلسة في أحد المطاعم، وفي جلساتهم تلك كانت الأمور تختلف عما سبق فالبعض منهم نال بضعة كيلوغرامات إضافية تركزت نسبة كبيرة منها في منطقة البطن، وآخر رغم محاولاته المتكررة لمنع حدوث ما يحدث إلا أنه حدث وذلك ما كان يخشاه فقد بدأت عدد الشعرات التي تسقط في ازدياد وازدادت معها تلك الرقعة الفا

"أحسنت"

صورة
كنت أستمع لابني بينما يلعب، فهو له عالمه الخاص، لديه العديد من الشخصيات البلاستيكية الصغيرة والتي يتحدّث معها وتتحدث هي معاً. فعندما تراقبه، ولكن من بعيد ودون أن يشعر بك، تكاد تصدّق أن ذلك حقيقة. في بعض الأحيان أشعر برغبة بأن أكون جزءاً من هذا العالم لأعرف كيف يفكر. ولكنني سمعت تلك الكلمة تتكرّر وهو يلعب "أحسنت". لا بد أن تلك الكلمة كانت تستعملها المعلّمة بالصف. لا بد أنها كلمة محببة له ويحب سماعها. لقد جربت معه وقلت تلك الكلمة له بعد أن أسرع بالاستعداد للنوم وقلت له: "أحسنت". ابتسم ولمعت عيناه. ألا تبتسم أنت وتلمع عيناك عندما يُقال لك أحسنت. أليست كل "أحسنت" تُقال لك تدفعك للمزيد من العمل؟ ألا يحب كل واحد منا كلمات التشجيع؟ نظن أحياناً أن التشجيع يجب أن يوضع في وعاء خاص ومعه قطارة مثل تلك التي تستعمل مع قطرات العيون. استعمله بحرص وبكميات محددة، إياك أن تفرط به، فهو ثمين ونفيس. قد يفسد الأولاد. أحقاً يمكن للتشجيع أن يفسد الأولاد؟ هل عندما يقال للولد أنه فعل حسناً، رغم أن ذلك ليس الأحسن، فإن ذلك يجعله ينتفخ وكما يُقال "يكبر راسه"؟ هل يجب أن نكتف